كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قوله: {الا يسجدوا} من قرأ بالتشديد على أن الجار محذوف فإن كان متعلقًا بالصد فالتقدير صدهم لأن {لا يسجدوا} وإن كان متعلقًا ب {لا يهتدون} ف {لا} مزيدة أي لا يهتدون إلى أن يسجدوا. ومن قرأ بالتخفيف فقوله: {ألا} حرف تنبيه و{يا} حرف النداء والمنادى محذوف والتقدير: ألا يا قوم اسجدوا كقوله:
ألا يا أسلمي يا دارميّ على البلى ** ولا زال منهلًا بجرعائك القطر

قال الزجاج: السجدة في الآية على قراءة التخفيف دون التشديد. والحق عدم الفرق لأن الذم على الترك كالأمر بالسجود في الاقتضاء. والخبء مصدر بمعنى المخبوء وهو النبات والمطر وغيرهما مما خبأه الله عز وجل من غيوبه، ومن جملة ذلك اطلاع الكواكب من أفق الشرف بعد اختفائها في أفق الغرب، ومنها الأقضية والأحكام والوحي والإلهام، ومنها إنزال الملك وكل أثر علوي. وفي تخصيص وصف الله تعالى في هذا المقام بإخراج الخبء إشارة إلى ما عهده الهدهد من قدرة الله تعالى في إخراج الماء من الأرض، ألهمه هذا التخصيص كما ألهمه تلك المعرفة.
ولما انجر كلام الهدهد إلى هذه الغاية {قال} سليمان {سننظر} أي نتأمل في صفحات حالك {أصدقت أم كنت من الكاذبين} وهذا أبلغ من أن لو قال له كذبت لأنه إذا كان معروفًا بالكذب كان متهمًا في كل ما أخبر به. ثم ذكر كيفية النظر في أمره فقال: {أذهب بكتابي هذا فألقه إليهم} لم يقل إليها لأنه كان قد قال: {وجدتها وقومها} فكأن سليمان قال: فألقه إلى الذين هذا دينهم اهتمامًا فيه بأمر الدين. ولمثل هذا قال في الكتاب {ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين} ومعنى {ثم تول عنهم} تنح عنهم إلى مكان قريب تتوارى فيه تسمع ما يقولون {يرجعون} من رجع القول كقوله: {يرجع بعضهم إلى بعض القول} [سبأ: 31] يروى أنها كانت إذا رقدت غلقت الأبواب ووضعت المفاتيح تحت رأسها، فدخل من كوة وطرح الكتاب على حجرها وهي مستلقية نائمة. وقيل: نقرها فانتبهت فزعة. وقيل: أتاها والجنود حواليها من فوق والناس ينظرون حتى رفعت رأسها فألقى الكتاب في حجرها. وقيل: كان في البيت كوة تقع الشمس فيها كل يوم فإذا نظرت إليها سجدت فجاء الهدهد فسد تلك الكوة بجناحه، فلما رأت ذلك قامت إليه فألقى الكتاب إليها. وهاهنا إضمار أي فذهب فألقى ثم توارى ثم كأن سائلًا سأل فماذا قالت بلقيس؟ فقيل {قالت يا أيها الملأ إني ألقي إليّ كتاب كريم} مصدر بالتسمية أو حسن مضمونه أو هو من عند ملك كريم أو هو مختوم. يروى أنه طبع الكتاب بالمسك وختمه بخاتمه وقال صلى الله عليه وسلم: «كرم الكتاب ختمه» وعن ابن المقفع: من كتب إلى أخيه كتابًا ولم يختمه فقد استخف به. ثم إن سائلًا كأنه قال لها ممن الكتاب وما هو؟ فقالت {إنه من سليمان وإنه} كيت وكيت.
سؤال: لم قدم سليمان اسمه على اسم الله؟ والجواب أنها لم وجدت الكتاب على وسادتها ولم يكن لأحد إليها طريق ورأت الهدهد علمت أنه من سليمان وحين فتحت الكتاب رأت التسمية، ولذلك قالت ما قالت، أو لعل سليمان كتب على عنوان الكتاب {إنه من سليمان} فقرأت عنوانه أوّلًا ثم أخبرت بما في الكتاب. أو لعل سليمان قصد بذلك أنها لو شتمت لأجل كفرها حصل الشتم لسليمان لا لله تعالى. وأن في {أن لا تعلوا} مفسرة لما ألقي إليها أي لا تتكبروا كما تفعل الملوك. يروى أن نسخة الكتاب: من عبد الله سليمان بن داود إلى بلقيس ملكة سبأ: السلام على من اتبع الهدى. أما بعد، فلا تعلوا علي وأتوني مسلمين. وكان كتب الأنبياء عليهم السلام جملًا وأنه مع وجازته مشتمل على تمام المقصود لأن قوله: {بسم الله الرحمن الرحيم} مشتمل على إثبات الصانع وصفاته، والباقي نهي عن الترفع والتكبر وأمر بالانقياد للتكاليف، كل ذلك بعد إظهار المعجز برسالة الهدهد.
قوله: {قالت يا ايها الملأ} استئناف آخر وهكذا إلى تمام القصة. ومعنى {أفتوني} أشيروا عليّ بما يحدث لكم من الرأي. والفتوى الجواب في الحادثة وأصلها من الفتاء في السن وقطع الأمر فصله والقضاء فيه، أرادت بذلك استعطافهم وتطييب نفوسهم واستطلاع آرائهم، فأجابوا بأنهم اصحاب القوى الجسداينة والخارجية، ولهم النجدة والبلاء في الحرب، ومع ذلك فوضوا الأمر إليها فما أحسن هذا الأدب. ويحتمل أن يراد نحن من أبناء الحرب لا من ارباب الرأي والشمروة وإنما الرأي إليكن وحيث كان يلوح من وصفهم أنفسهم بالشجاعة والعلم بأمور الحرب أهم مائلون إلى المحاربة، ارادت أن تنبههم إلى الأمر الأصوب وهو الميل إلى الصلح فلذلك {قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية افسدوها} وذلك إذا أرادوا قهرها والتسلط عليها ابتداء وإلا فالإفساد غير لازم، بل لعل الإصلاح ألزم إذا سلكت سبيل العدل والإنصاف فليس للظلمة في الآية حجة. ومفعول {مرسلة} محذوف اي مرسلة رسلًا مع هدية وهي اسم المهدي كالعطية اسم المعطي. وإنما رأت الإهداء أوّلًا لأن الهدية سبب استمالة القلوب. قال صلى الله عليه وسلم: «تهادوا تحابوا» قال في الكشاف: روي أنها بعثت خمسمائة غلام عليهم ثياب الجواري وحليهن الأساور والأطواق والقرطة راكبي خيل مغشاة بالديباج مرصعة اللجم والسروج بالجواهر، وخمسمائة جارية على رماك في زي الغلمان، وألف لبنة من ذهب وفضة وتاجًا مكللًا بالدر والياقوت، وحقًا فيه درة عذراء وجزعة معوجة الثقب: وبعثت رجلين من أشراف قومها- المنذر بن عمرو وآخر ذا رأي وعقل- وقالت: إن كان نبيًا ميز بين الغلمان والجواري وثقب الدرة ثقبًا مستويًا وسلك في الخرزة خيطًا. ثم قالت: للمنذر: إن نظر إليك نظر غضبان فهو ملك فلا يهولنك، وإن رأيته بشًا لطيفًا فهو نبي. فأقبل الهدهد فأخبر سليمان فأمر الجن فضربوا لبن الذهب والفضة وفرشوه في ميدان بين يديه طوله سبعة فراسخ وجعلوا حول الميدان حائطًا شرفه من الذهب والفضة، وأمر بأحسن الدواب في البر والبحر فربطوها عن يمين الميدان وعن يساره على اللبنات، وأمر بأولاد الجن وهم خلق كثير فأقيموا عن اليمين وعن اليسار، ثم قعد على سريره والكراسي من جانبيه، واصطفت الشياطين صفوفًا فراسخ والأنس كذلك، ولاوحش والطير كذلك. فلما دنا القوم ونظروا بهتوا ورأوا الدواب على اللبنات فتقاصرت إليهم نفوسهم ورموا بما معهم، ولما وقفوا بين يديه نظر إليهم بوجه طلق وقال: ما وراءكم؟ وقال: أين الحق؟ وأخبرهم بما فيه. ثم أمر الأرضة فأخذت شعرة ونفذت في الدرة فجعل رزقها في الشجر، وأخذت دودة بيضاء الخيط فأدخلته في الجزعة، ودعا بالماء فكانت الجارية تأخذ الماء بيدها فتجعله في الأخرى ثم تضرب به وجهها، والغلام كما يأخذه يضرب به وجهه، ثم رد الهدية وذلك قوله على سبيل الإنكار {أتمدونني بمال} ثم قال على سبيل الإعلام وتعليل الإنكار {فما آتاني الله} من الكمالات والقربات والدرجات {خير مما آتاكم} ثم أضرب عن ذلك إلى بيان السبب الذي حملهم عليه وهو أنهم لا يعرفون الفرح إلا في أن يهدي إليهم حظ من الدنيا، فعلى هذا تكون الهدية مضافة إلى المهدي إليه.
والمعنى {بل أنتم بهديتكم} هذه التي أهديتموها {تفرحون} فرح افتخار على الملوك. ويحتمل أن يكون الكلام عبارة عن الرد كأنه قال. بل أنتم من حقكم أن تأخذوا هديتكم وتفرحوا بها ثم قال للرسول أو للهدهد معه كتاب آخر {ارجع إليهم} ومعنى {لا قبل} لا طاقة ولا مقابلة. والذل أن يذهب عنهم ما كانوا فيه من العز والملك، والصغار أن يقعوا مع ذلك في أسر واستعباد يروى أنه لما رجعت إليها الرسل عرفت أن سليمان نبي وليس لهم به طاقة، فشخصت إليه في اثني عشر الف قيل. مع كل قيل ألوف. وأمرت عند خروجها أن يجعل عرشها في آخر سبعة أبيات في آخر قصر من قصور سبعة، وغلقت الأبواب ووكلت به حرسًا فلعل سليمن أوحي إليه ذلك فاراد أن يريها بعض ما خصه الله به من المعجزات فلذلك {قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها} وعن قتادة: اراد أن يأخذه قبل أن تسلم لعلمه أنها إذا اسلمت لم يحل له أخذ مالها. وقيل: أراد بذلك اختبار عقلها كما يجيء. وقيل: أراد أن يعرف تجملها ومقدار مملكتها قبل وصولها إليه والعفريت من الرجال الخبيث المنكر الذي يعفر اقرانه، ومن الشياطين الخبيث المارد، ووزنه فعليت. قالوا: كان اسمه ذكوان. و{آتيك به} في الموضعين يجوز أن يكون فعلًا مضارعًا وأن يكون اسم فاعل. ومعنى. {أن تقوم من مقامك} إما على ظاهره وهو أن يقوم فيقعد، وإما أن يكون المقام هو المجلس ولابد فيه من عادة معلومة حتى يصح أن يؤقت به. وعلى هذا فقيل: المراد مجلس الحكم. وقيل: مقدار فراغه من الخطبة. وقيل: إلى انتصاف النهار. {وإني عليه} أي على حمله {لقوي أمين} آتي به على حاله لا أتصرف فيه بشيء. واختلفوا في الذي عنده علم من الكتاب فقيل: هو الخضر عليه السلام. وقيل: جبرائيل. وقيل: ملك أيد الله به سليمان. وقيل: آصف بن برخيا وزيره أو كاتبه. وقيل: هو سليمان نفسه استبطأ العفريت فقال له: أنا اريك ما هو أسرع مما تقول. وقد يرجح هذا القول بوجوه منها: أن الشخص المشار إليه بالذي يجب أن يكون معلومًا للمخاطب وليس سوى سليمان، ولو سلم أن آصف أيضًا كان كذلك فسليمان أولى بإحضار العرش في تلك اللمحة والإلزام تفضيل آصف عليه من هذا الوجه.
ومنها قول سليمان. {هذا من فضل ربي} ويمكن أن يقال: الضمير راجع إلى استقرار العرش عنده، ولو سلم رجوعه غلى الإتيان بالعرش فلا يخفى أن كمال حال التابع والخادم من جملة كمالات المتبوع والمخدوم، ولا يلزم من أن يأمر الإنسان غيره بشيء أن يكون الآمر عاجزًا عن الإتيان بذلك الشيء. واختلفوا ايضًا في الكتاب فقيل: هو اللوح. وقيل: الكتاب المنزل الذي فيه الوحي والشرائع. وقيل: كتاب سليمان أو كتاب بعض الأنبياء. وما ذلك العلم؟ قيل: نوع من العلم لا يعرف الآن. والأكثرون على أنه العلم باسم الله الأعظم وقد مر في تفسير البسملة كثير مما قيل فيه. ومما وقفت عليه بعد ذلك أن غالب بن قطان مكث عشرين سنة يسأل الله الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى فأري في منامه ثلاث ليال متواليات: قل يا غالب يا فارج الهم يا كاشف الغم يا صادق الوعد يا موفيًا بالعهد يا منجز الوعد يا حي يا لا إله إلا أنت صل اللهم على محمد وآل محمد وسلم. والطرف تحريك الأجفان عند النظر فوضع موضع النظر فإِذا فتحت العين توهمت أن نور العين يمتد إلى المرئي وإذا غمضت توهمت أن ذلك النور قد اراتدّ، فمعنى الآية أنك ترسل طرفك إلى شيء فقبل أن ترده أبصرت العرش بين يديك. يروى أن آصف قال له: مدّ عينك حتى ينتهي طرفك فمدّ عينه فنظر نحو اليمن ودعا آصف فغاص العرش في مكانه ثم ظهر عند مجلس سليمان بالشام بقدرة الله قبل أن يرتدّ طرفه. ومن استبعد هذا في قدرة الله فليتأمل في الحركات السماوية على ما يشهد به علم الهيئة حتى يزول استبعاده. وقال مجاهد: هو تمثيل لاستقصار مدة الإتيان به كما تقول لصاحبك: افعل هذا في لحظة أو لمحة. وحين عرف سليمان نعمة الله في شأنه وأن ذلك صورة الابتلاء بين أن شكر الشاكر إنما يعود إلى نفس الشاكر لأنه يرتبط به العتيد ويطلب المزيد كما قيل: الشكر قيد للنعمة الموجودة وصيد للنعمة المفقودة. وروي في الكشاف عن بعضهم أن كفران النعمة بوار وقلما أقشعت نافرة فرجعت في نصابها، فاستدع شاردها بالشكر واستدم راهنها بكرم الجوار. قوله أقشعت نافرة أي ذهبت في حال نفارها وراهنها أي ثابتها. {ومن كفر فان ربي غني} عن عبادة كل عابد فضلًا عن شكر شاكر {كريم} لا يقطع إمداد نعمه عنه لعله يتوب ويصلح حاله. زعم المفسرون أن الجن كرهوا أن يتزوّجها سليمان فتفضي إليه بإسرارهم لأنها كانت بنت جنية، أو خافوا أن يولد له منها ولد تجمع له فطنة الجن والإنس فيخرجون من ملك سليمان إلى ملك هو أشد فقالوا له: إن في عقلها شيئًا وهي شعراء الساقين ورجلها كحافر الحمار فاختبر عقلها بتنكير العرش وذلك قوله: {نكروا لها عرشها} أي اجعلوه متنكرًا متغيرًا عن هيئته وشكله كما يتنكر الرجل لغيره لئلا يعرفه.
قالوا: وسعوه وجعلوا مقدمه مؤخره وأعلاه اسفله. وقوله: {ننظر} بالجزم جواب للأمر وقرئ بالرفع على الاستئناف. {أتهتدي} لمعرفة العرش أو للجواب الصائب إذا سئلت عنه أو للدين والإيمان بنبوة سليمان إذا رأت تلك الخوارق. وقوله: {أم تكون من الذين لا يهتدون} أبلغ من أن لو قال أم لا تهتدي كما مر في قوله: {أم كنت من الكاذبين} {فلما جاءت قيل أهكذا} أي مثل ذا {عرشك} لئلا يكون شبه تلقين فقالت {كأنه هو} ولم تقل: هو هو مع أنها عرفته ليكون دليلًا على وفور عقلها حيث لم تقطع في المحتمل وتوقفت في مقام التوقف. أما قوله: {وأوتينا العلم} فمعطوف على مقدر كأنهم قالوا عند قولها كأنه هو قد اصابت في جوابها وطابقت المفصل وهي عاقلة لبيبة وقد رزقت الإسلام وعلمت قدرة الله وصحة نبوة سليمان بهذه الخوارق. {وأوتينا} نحن {العلم} بالله وبقدرته قبل علمها ولم نزل على دين الإسلام {وصدّها} عن التقدم إلى الإسلام عبادة الشمس وكونها بين ظهراني الكفرة. والغرض تلقي نعمة الله بالشكر على سابقة الإسلام. وقيل: هو موصول بكلام بلقيس. والمعنى وأوتينا العلم بالله وبقدرته وبصحة نبوة سليمان قبل هذه المعجزة أو الحالة وذلك عند وفدة المنذر. ثم قال سبحانه: {وصدها} قبل ذلك عما دخلت فيه {ما كانت تعبد من دون الله} وقيل: الجار محذوف أي وصدها الله أو سليمان عما كانت تعبد، واختبر ساقها بأن أمر أن يبني على طريقها قصر من زجاج أبيض فأجرى من تحته الماء والقى فيه من دواب البحر السمك وغيره، ووضع سريره في آخر فجلس عليه وعكف عليه الطير والجن والإنس. ثم {قيل لها ادخلي الصرح} أي القصر أو صحن الدار {فلما رأته حسبته لجة} أي ماء غامرًا {وكشفت عن ساقيها} لتخوض في الماء فإذا هي أحسن الناس ساقًا وقدمًا إلا أنها شعراء، فصرف سليمان بصره وناداها {إنه صرح ممرد} أي مملس {من قوارير} هذا عند من يقول: تزوجها وأقرها على ملكها وأمر الجن فبنوا له همدان وكان يزورها في الشهر مرّة فيقيم عندها ثلاثة أيام وولدت له. قالوا: كون ساقها شعراء هو السبب في اتخاذ النورة، أمر به الشياطين فاتخذوها. وقال آخرون: المقصود من الصرح تهويل المجلس، وحصل كشف الساق على سبيل التبع. عن ابن عباس: لما اسلمت قال لها: اختاري من أزوّجكه؟ فقالت: مثلي لا ينكح الرجال مع سلطان.
فقال: النكاح من الإسلام. فقالت: إن كان كذلك فزوّجني ذا تبع ملك همدان فزوجها إياه ثم ردهما إلى اليمن ولم يزل بها ملكًا {قالت رب إني ظلمت نفسي} أي بالكفر في الزمن السالف أو بسوء ظني بسليمان إذ حسبت أنه يغرقني في الماء. وهذا التفسير أنسب بما قبله ولعل في قولها {مع سليمان} أي مصاحبة له إشارة إلى إسلامها تبع لإسلام سليمان وأنها تريد أن تكون معه في الدارين جميعًا والله أعلم. اهـ.